ينقل ميدل إيست مونيتور عن مسؤولين مصريين كبار تحذيرًا واضحًا من أن إعلان إسرائيل نيتها فتح معبر رفح بشكل أحادي، فقط لخروج سكان غزة، يشكّل خرقًا صريحًا لمعاهدة السلام بين البلدين.

 

ويشير التقرير إلى أن توتر بعدما بثّت القناة 12 الإسرائيلية أن المعبر سيفتح خلال الأيام المقبلة لخروج سكان غزة فقط، “وفق اتفاق وقف إطلاق النار وتعليمات القيادة السياسية”، الأمر الذي اعتبرته القاهرة إعلانًا لا يستند إلى أي تفاهم مشترك أو تنسيق رسمي معها.

 

رفض مصري قاطع للقرار الأحادي

 

تردّ الهيئة العامة للاستعلامات في مصر سريعًا على ما أُعلن، وتنفي وجود أي اتفاق يجيز فتح المعبر باتجاه واحد. تؤكد أن أي إعادة تشغيل لمعبر رفح يجب أن تكون في الاتجاهين، دخولًا وخروجًا، وفق الترتيبات المعروفة والاتفاقات القائمة. ترى القاهرة أن أي خطوة أحادية تنتهك التفاهمات السابقة وتنال من أساس معاهدة السلام، وتضع المنطقة على حافة تصعيد سياسي ودبلوماسي خطير.

 

في المقابل، يردّ مسؤول إسرائيلي – رفض الكشف عن اسمه – بتصريح يحمل نبرة استعلاء، فيقول للقناة نفسها إن عدم رغبة المصريين في استقبال الخارجين “مشكلتهم هم”. يعكس هذا الرد، في نظر القاهرة، تجاهلًا متعمدًا للموقف المصري، ومحاولة لتحميلها مسؤولية تبعات سياسة لم توافق عليها أصلًا.

 

اتفاق وقف النار ومعضلة التنفيذ

 

يفترض اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقّعته إسرائيل مع حركة حماس في أوائل أكتوبر، إعادة فتح المعبر بشكل كامل وطبيعي. إلا أن إسرائيل تراجع هذا الالتزام، وتربطه بادعاء تقصير حماس في تنفيذ بنود المرحلة الأولى من الاتفاق. تصرّ تل أبيب على أن فتح المعبر في الاتجاهين لن يحدث إلا بعد أن تعيد حماس جميع مقاتليها الذين سقطوا خلال القتال.

 

ترى مصر في هذا الشرط محاولة لفرض واقع سياسي جديد تحت غطاء أمني. تعتبر أن استخدام المعبر كورقة ضغط يهدد بتحويله من منفذ إنساني إلى أداة مساومة، وهو أمر ترفضه القاهرة، خاصة أن معبر رفح يمثّل شريان حياة لملايين الفلسطينيين في غزة، وليس ورقة تفاوض تُفتح وتُغلق وفق حسابات عسكرية ضيقة.

 

القاهرة تتمسك بالمرحلة الثانية وترفض التهجير

 

تواصل مصر مساعيها لدفع الاتفاق نحو مرحلته الثانية، التي تشمل إعادة إعمار قطاع غزة. تتطلب هذه المرحلة مشاريع واسعة النطاق وعقودًا ضخمة يُتوقع أن تشارك فيها شركات مصرية، في إطار دور إقليمي تسعى القاهرة إلى تثبيته بوصفه عنصر استقرار لا طرفًا في الصراع.

 

تدرب القاهرة، في الوقت نفسه، قوات شرطة فلسطينية يُفترض أن تتولى مهام حفظ الأمن في غزة بعد توقف الحرب. يعكس ذلك محاولة لبناء إطار إداري وأمني فلسطيني يحول دون الفوضى أو سيطرة الفصائل المسلحة على مفاصل الحياة المدنية.

 

يشدد مسؤولون مصريون على رفض أي سيناريو يُفهم منه أن مصر تشارك، ولو ضمنيًا، في مخطط تهجير سكان غزة خارج أراضيهم. يربطون هذه المخاوف بما يصفونه “خطة هجرة” مطروحة في الخطاب السياسي الأمريكي المرتبط بدونالد ترامب. تؤكد القاهرة أنها لن تسمح بأن تُستَخدم الأراضي المصرية كبديل قسري لأرض الفلسطينيين، ولن تكون جزءًا من أي مشروع يُفرغ غزة من سكانها الأصليين.

 

بهذا الموقف، تحاول مصر أن توازن بين دورها الوسيط وضغوط الواقع السياسي والعسكري المعقد. ترى أن فتح المعبر يجب أن يكون خطوة إنسانية وقانونية متفقًا عليها، لا قرارًا إسرائيليًا منفردًا يغيّر الجغرافيا والديموغرافيا ويهدد استقرار المنطقة بأكملها.

 

الصورة العامة التي يرسمها التقرير قاتمة: معبر واحد يلخّص صراعًا أوسع بين منطق الحقوق والسيادة، ومنطق القوة وفرض الأمر الواقع. وبين هذا وذاك، يقف ملايين المدنيين في غزة أسرى معادلة سياسية لم يختاروها، في انتظار أن تُفتح الأبواب لا للهجرة، بل للحياة.

 

https://www.middleeastmonitor.com/20251205-egypt-warns-israel-unilateral-opening-of-rafah-crossing-breaches-peace-treaty/